إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه
كتاب الروض المربع الجزء الثاني
80968 مشاهدة
ليس لأهل الذمة ركوب الخيل

ولهم ركوب غير خيل كالحمير بغير سَرج فيركبون بالإكاف، وهو البرذعة لما روى الخلال أن عمر رضي الله تعالى عنه أمر بجز نواصي أهل الذمة وأن يشدوا المناطق، وأن يركبوا الأكف بالعرض.


حرص عمر رضي الله عنه على أن يتميزوا، وأن يكون لهم سمة يظهرون فيها أذلاء منكسرين فأمر بجز نواصيهم، ونهاهم عن ركوب الخيل؛ لأن ركوبها فيه شرف، وأباح لهم أن يركبوا غيرها؛ فيركبوا الحمير ويركبوا البغال؛ لأنها قريبة من الحمر، وإذا ركبوا على الحمير أو ركبوا على البغال فلا يركبوا على السرج؛ فالسرج خاص بالخيل. والسرج هو الأعواد التي تجعل على ظهر الفرس، يعني: يتمسك بها الراكب، العامة يسمونها الهولاة، وأما البرذعة فهي التي تجعل على ظهر الحمار، والعامة يسمونها الفارة عبارة عن وسادة شبه الوسادة؛ إلا أن بوسطها إلى أسفلها مثل الحلس يكون عليه ظهر الحمار، وتربط من تحته ويركب الراكب فوقها؛ تربط في بطنه. فكأنه يقول: لا يركبون بالسرج؛ فإن السرج صفة رفيعة شريفة، بل يركبون بالإكاف الذي هو البرذعة، هذه الوطاء أو الوقاية التي تجعل على ظهر الحمار يركبون عليها، وإذا ركبوا فقد يشتبهون أيضا بالمسلمين فإن المسلمين أيضا يركبون الحمر والبغال، فأمروا بأن يركبوها عرضا. إذا ركبوها فإنهم يجعلون وجوههم إلى جانب وظهورهم إلى جانب لا يركبون ويستقبلون رأس الدابة، وكل ذلك ليحصل تميزهم عن المسلمين إذا ركبوا عليها معترضين. نعم.